بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ..
(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )
(وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) - سورة النور
من غض بصره ،غزرت من خشية الله دمعته
للأسف هذه الأيام .. الكثير منا يهمل موضوع غض البصر .. ويحسبونه هيناً .. إلا أن ربي لم يذكره في القرآن العظيم إلا لحكمة .. وربي لا يأمر شيء ليس فيه نفع لعباده لأنه الأدرى بما ينفع عباده .. (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
ما هي أنواع غض البصر الحسية والمعنوية ؟
أولا : غض البصر عن المحرمات(العورات والمناظر المحرمة) وعن النظر الى النساء..
للأسف الكثير عندما يشاهدون الأفلام الأجنبية وتظهر بعض المناظر التي لا تليق بين الرجل الأجنبي والمرأة الأجنبية .. فإنهم لا يغضون أبصارهم .. ويستخدمون حجج واهية كـ(نريد أن نتعلم قبل الزواج! كيف لنا أن نعرف إذا لم نشاهد؟) والحجة الأكبر مصيبة (عادي!) .. عادي؟ .. هل اعتادت هذه الأعين على هذه المناظر لدرجة أنها تصل إلى عادي؟ .. نعم .. عادي أن تظهر فتاة ترتدي قصير أو شاب يرتدي قصير ولا نغض البصر .. نعم عادي أن تظهر لقطة محرمة بين رجل و امرأة ولا تغض البصر .. نعم كل شيء عادي لم هذا التشدد والتعقيد ؟
أتساءل إن كان قد خطر ببال أحدهم أن هذه العين التي سترى الرسول صلى الله عليه وسلم كيف تنظر إلى المحرمات ؟ بل هل (ستستطيع) أن تنظر إلى وجهه صلى الله عليه وسلم؟ .. والمصيبة الأكبر هذه العين ألن تقف بين يدي الله جل جلاله للحساب؟ (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ*وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ)
حسبي الله ونعم الوكيل .. الله يهدي شباب وبنات المسلمين ..
ثانياً: غض البصر عن زهرة الحياة الدنيا وعن شهواتها وعن مستحسناتها التي لا تنتهي
قد يتعجب البعض يعني مثلا لا أنظر إلى المناظر الجميلة ؟ لا ليس الموضوع كذلك! .. المقصود مثلا .. إذا رأيت قصراً فارهاً .. والزخارف من كل الجهات .. بل والمواد الغالية الثمن .. وهذه الحديقة الكبيرة .. والأشجار المثمرة .. و .. و .. ينبغي أن لا يدخل في النفس شيء!ينبغي أن لا تنظر إلى هذا القصر بعين الاستحسان .. بل المطلوب عند رؤية منظر كهذا أن تسارع في قول (لبيك اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ) .. كما قالها المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم .. وصدقاً نحن لم نصل إلى مرحلة عااااااااالية من الإيمان أن لا يؤثر فينا منظر كهذا .. لذا الأفضل أن لا ننظر أصلا .. البعض يقول لا أن لا يؤثر بي أي شيء من الدنيا عادي! .. نقول أنت أدرى بنفسك! .. وانظر إلى قلبك! ..
ولم غض البصر عن زهرة الحياة الدنيا؟
لأن كلما غض المسلم بصره عن تلك ازداد الايمان في قلبة واتسع النور في فؤاده فينتشر النور الى جوارحه فتبكي العين من الخشية ويسكن الجسد من الهيبة فعند ذلك يتطلع الى المزيد من الغض فيغض قلبه عن كل ماسوى الله فلا يرى بعينه الا فعل الله ولا يسمع باذنه الا مايرضي الله وعند ذلك يتذوق في قلبه حلاوة قرب الله وحبه وهو في قوله ..( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ....)
طبعا هذا مقام كبير الله يبلغنا وإياكم .. والبعض قد يستنكر أو لا يفهم ..
الله يفهمنا جميعا وينور قلوبنا وقوالبنا فلا نشهد ولا نرى إلا ما يرضي الله تعالى ..
وما تطرقنا لهذا الموضوع إلا لسبب : أن العين مثل الكاميرا .. تلتقط كل شيء ثم تصبه أين ؟ في القلب! .. نعم علمياً العين تنقل ما تراه إلى الدماغ حتى يترجمها ونفهم الصورة .. لكن التأثير يبقى في القلب .. وقد قال الله جل جلاله وتعالى في علاه (يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ* إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) .. وهذا ما نريده من حياتنا الدنيا .. أن نخرج بقلوب سليمة .. حتى نصل لرضوان الله الأكبر ومرافقة الحبيب صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى ..
ونستطيع أن نمحو - بإذن الله - كل تأثير لكل صورة رأيناها ولا ترضي الله .. بدمعة توبة صادقة خالصة ..
فلنسارع جميعا في التوبة عما مضى .. ولنغسل أعيننا بدموع الخشية من الله جل جلاله ..
حتى يظلنا الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله :
وقالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظلُّهُ : إِمامٌ عادِلٌ ، وشابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّه تَعالى ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّق بالمَسَاجِدِ ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه ، اجتَمَعا عَلَيهِ وتَفَرَّقَا عَلَيهِ ، وَرَجَلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمالٍ ، فَقَالَ : إِنّي أَخافُ اللَّه ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةَ فأَخْفاها حتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمالهُ ما تُنْفِقُ يَمِينهُ ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ " .
رواه البخاري ( 629 ) ومسلم ( 1031[center]