قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أسباب :
أحدها : التوبة ،
وهذا متفق عليه بين المسلمين . قال تعالى :
( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) ،الزمر (آية:53)
وقال تعالى :
{ ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله
هو التواب الرحيم } التوبة (آية:104)
وقال تعالى : ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات )
الشورى (آية:25) وأمثال ذلك .
السبب الثاني : الاستغفار
كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" إذا أذنب عبدٌ ذنباً فقال أي رب أذنبت ذنباً فاغفر لي ، فقال :
علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي .. الحديث " .
رواه البخاري (6953) ومسلم (4953) .
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقومٍ يذنبون ثم يستغفرون
فيُغفَرُ لهم "
( التوبة/4936 ).
السبب الثالث :الحسنات الماحية ،
كما قال تعالى :
( أقم الصلاة طرفي النهار وزُلَفَاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) ،
هود (آية:114)
وقال صلى الله عليه وسلم :
" الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان
مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " رواه مسلم (344)
وقال : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً ، غُفِرَله ما تقدم من ذنبه "
رواه البخاري (37) ومسلم (1268) ،
وقال : " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَله ما تقدم من ذنبه "
رواه البخاري (1768) ،
وقال : " من حجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه "
رواه البخاري (1690) ،
وقال : " فتنة الرجل في أهله وماله وولده تكفرها الصلاة والصيام والصدقة
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "
رواه البخاري (494) ومسلم (5150) ،
وقال : " من أعتق رقبةً مؤمنةً أعتق الله بكل عضوٍ منها عضواً منه
من النار ، حتى فرجه بفرجه " رواه مسلم (2777) .
وهذه الأحاديث وأمثالها في الصحاح ،
وقال : " الصدقةُ تُطْفِئُ الخطيئة كما يُطْفِئُ الماءُ النارَ، والحسد
يأكل الحسنات كما تأكل النارُ الحطبَ . "
والسبب الرابع الدافع للعقاب :
دعاءُ المؤمنين للمؤمن ، مثل صلاتهم على جنازته ،
فعن عائشة ، وأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" ما من ميت يصلى عليه أمةٌ من المسلمين يبلغون مائة كلهم
يشفعون إلا شُفِعُوا فيه " رواه مسلم (1576) ،
وعن ابن عباس قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" ما من رجلٍ مسلمٍ يموت ، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً
لا يشركون بالله شيئاً ، إلا شفعهم الله فيه "
رواه مسلم (1577) . وهذا دعاء له بعد الموت .
السبب الخامس : " ما يعمل للميت من أعمال البر ،
كالصدقةِ ونحوها ، فإن هذا ينتفع به بنصوص السنة الصحيحة الصريحة ،
واتفاق الأئمة ، وكذلك العتق والحج ، بل قد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال :
" من مات وعليه صيام صام عنه وليه ." رواه البخاري (5210) ومسلم (4670)
السبب السادس : شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم
وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة ، كما قد تواترت عنه أحاديث الشفاعة ،
مثل قوله في الحديث الصحيح :
" شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي "
صححه الألباني في صحيح أبي داوود (3965) ،
وقوله صلى الله عليه وسلم :
" خيرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة ،
فاخترت الشفاعة ..."
انظر صحيح الجامع (3335) .
السبب السابع : المصائب التي يُكَفِرُ الله بها الخطايا في الدنيا ،
كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
" ما يُصيب المؤمن من وصبٍ ولا نصب ولا همٍ ولا حزن ولا غم
ولا أذى حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها من خطاياه "
رواه البخاري (5210) ومسلم (4670) .
السبب الثامن : ما يحصل في القبر
من الفتنة ، والضغطة ، والروعة ( أي التخويف ) ، فإن هذا مما يُكَفَرُ به الخطايا .
السبب التاسع : أهوال يوم القيامة وكربها وشدائدها .
السبب العاشر : رحمة الله وعفوه ومغفرته بلا سبب من العباد .
" المرجع مجموع فتاوى ابن تيمية ج7 ص " 487- 501 " .
الشيخ محمد صالح المنجد[center]